Friday, December 18, 2009

اليه فى يوم ذكراه ....... زكى مراد...فارس ليس من هذا الزمان


فين تاريخك يا زكي

يا مرادي ومطلبى

لما تبقى الضلمه نور

ابنوا للاحــــلام جسور

وارموا فى الارض الجدور

تطرح الاشجار زهور

يرتفع فــــرع الزتون

وطنى جوه فى العيون

هو دينى ومذهبى

الشاعرة هدى توفيق

فى مثل هذا اليوم منذ ثلاثين عاما رحل عن عالمنا فارس نبيل قلّ أن يجود الزمان بمثله، هو المناضل والشاعر الثورى إبن النوبة "زكى مراد"، تاركا ورائه إرثا نضاليا من العمل الثورى فى حياته القصيرة الملتهبة عشقا وذوبانا فى هذا الوطن.
هو إبن قرية إبريم ببلاد النوبه القديمة التى أخرجت عشرات المناضلين والثوّأر، ولد فى الأول من شهر سبتمبر لعام 1927، إبن عمدة هذه القرية " محمد ابراهيم أحمد" الذى أطلق على إبنه إسما مركّبا "زكى مراد" تيمنا بسميه الملحن والمطرب اليهودى والد الفنانة "ليلى مراد" والذى كان يعشقه.
غادر القرية صغيرا وعمره 15 عاما ليلتحق بالدراسة فى مدرسة حلوان الثانوية بالقاهرة، وليقيم فى حجرة فى أرض شريف مع إبن عمه والروائى محمد خليل قاسم صاحب الشمندورة، حيث كانت الحرب العالمية الثانية فى نهاياتها 1943 وكانت مصر فى أتون صراعها ضد المحتل الإنجليزى والقصر الملكى والطبقات المستغلة، ليتفتح وعيه الثورى سريعا، وينضم لحركة الطلاب عام 1946 فى بداية إلتحاقة بكلية الحقوق جامعة فؤاد الأول (القاهرة لاحقا ).
شارك فى اللجنة الوطنية للطلبة والعمال التى قادت الحركة الوطنية رافعا شعار الحرية والخبز، ليتم إعتقاله للمرة الأولى عام 1946 بسبب عضويته فى تلك اللجنة، وفى نفس العام يعاد إعتقاله مرّة ثانية بتهمة مناهضة السلطة الملكية، ليعرف طريق السجن والإعتقالات طوال حياته.
فى المرة الثالثة تم إعتقاله عام 1949 بتهمة الإنضمام لتنظيم شيوعى حيث إنضم لمنظمة حدتو(الحركة الديوقراطية للتحرر الوطنى)، وكانت بمثابة أكبر المنظمات الماركسية فى ذلك الوقت وأكثرها فاعلية، كما كان الفقيد نشطا أيضا فى منظمة حستو (الحركة السودانية للتحرر الوطنى) حيث شارك فى تأسيسها مع كثير من الرفاق السودانيين أمثال "عبد الخالق محجوب" و"الشفيع أحمد الشيخ".
أما حبسته الكبرى فقد إمتدت من العام 1953 ولم تنتهى الآّ بعد 11 عاما، مع خروج الشيوعيون من معتقل الواحات قبيل زيارة الزعيم السوفيتى "نيكيتا خروشوف" لمصر عام 1964، تلك الحبسة الطويلة التى كانت عقابا له على موقفه من النظام الناصرى الدكتاتورى، والتى شهدت أبشع أنواع التعذيب للشيوعيين ليسقط منهم العديد من الشهداء أمثال شهدى عطية ولويس إسحق وسليم حداد وغيرهم، كما تكرر إعتقاله أكثر من مرة إبان حكم الرئيس السادات بتهم عديدة منها محاولة قلب نظام الحكم ورفض اتفاقية كامب دافيد والصلح مع اسرائيل.
فى نظرى أن أهم ما قام به المناضل الثورى زكى مراد هو إعادة تأسيسه مع مجموعة من رفاقه وعلى رأسهم الراحل نبيل الهلالى للحزب الشيوعى المصرى فى الأول من مايو (أيار) عام 1975 حيث تبوأ منصب السكرتير العام للحزب حتى وفاته.
إلتقيت الشهيد لأول مرة فى النادى السودانى بالأسكندرية حوالى العام 1973، حيث أقيمت ندوة حول العلاقات المصرية السودانية، يومها القى محاضرة ثرية تعرض فيها لتاريخ العلاقات النضالية بين الشعبين، ذاكرا أن فى أربعينيات القرن كانت البرجوازية المصرية ترفع شعار وحدة وادى النيل تحت التاج الملكى و كان الشيوعيون يرفعون شعار النضال المشترك ضد العدو المشترك.بعد ذلك بحوالى عامين تعرفت به شخصيا فى بيت المناضلة شاهندة مقلد بالإبراهيمية حيث كان يقيم بالأسكندرية صيفا مع أسرته فى شقة صغيرة بكامب شيزار، والتقيت فيما بعد مع زوجته ورفيقة نضاله وكاتمة أسراره المناضلة فتحية سيد أحمد إبنة خالته وأم أولاده، وعلى الطفلين صفاء وصلاح.
كان مليح الوجه، بشوشا دائم الإبتسام، لكنه حين يغضب من أجل القضية كان يظهر ذلك على كامل وجهه، ودودا يدخل الى القلب سريعا، يتباسط فى الحديث فى تواضع أصيل، صبورا وذو نَفَس طويل فى المناقشة، خاصة مع الشباب الصغير السن والتجربة، حيث كان يتناقش معنا لساعات دون كلل، مظهرا فهما عميقا للنظرية.
كانت رحلته مع العمل بالمحاماة قصيرة، لكنه تألق كثيرا مع صديق عمره نبيل الهلالى دفاعا عن الطلبة والعمال والسياسين بمختلف مشاربهم، وظل بيته فى المنيرة قبلة للجميع، لايتأخر عن أى محتاج أو مظلوم، يقيم الحفلات ليغنى فيها الشيخ إمام ومحمد حمام والسودانى محمد وردى، حتى محمد منير عرف طريقه الى الشهرة من هذا البيت المتواضع الذى لم يغيره طول حياته القصيرة التى إنقسمت بين أبريم والمنيرة.
كان شاعرا حماسيا، قال الشعر فى مناسبات كثيرة، منها وفاة القائد "يوسف صديق" عضو حديتو وبطل الإستيلاء على مقر هيئة الأركان ليلة الثورة، قال فيها:
“ما اعتاد جنودك أن تسكت حين ينادون ….
ما اعتاد رفاقك أن تسكت عما يرجون ….
أتشيح بوجهك عنهم؟
أو ترحل في وقت لايقطعه إلا أبطالٌ مثلك؟“
الرحيل:
لست ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة، وإن كانت المؤامرات موجودة فى كل زمان ومكان، ليلة الرحيل على ما أذكر إلتقى بنا فى شقة أم ناجى ( شاهندة)، وكان الجو ليلتها عاصفا جدا، ذكر لنا أنه مضطر للسفر فجرا الى القاهرة لموعد هام، سأل إن كان أحدنا يرغب فى السفر معه كرفيق طريق، كانت معه سيارة جديدة تغرى بالسرعة، ألححنا عليه أن يؤجل سفره لأن الجو عاصف والطريق خطرة فرفض، حاولنا كثيرا إثناءه لكنه أصّر، لم أره بعدها، حوالى العاشرة صباحاعلمنا بالحادث، كانت جنازته مهيبة من جامع عمر مكرم، كل القوى السياسية شاركت، لأول مرة يهتف المشيعون بحياة الحزب الشيوعى ووحدة الشيوعيون، نجح الشهيد فى تجميع القوى الوطنية كأروع ما يكون فى الجنازة، وستبقى ذكراه نبراسا ينير لنا الطريق، وحافزا للتوحد.
من قصيدة أحمد فؤاد نجم فى رثائه:
حصنت بعقدك صدر الناس

من شر الوسواس الخناس

يابو قلب لا سوسه ولا سواس

ورقيتك يا اسمرواسترقيت

الضم حبابيك بقي ياسمارة

وافتح شبابيبك لقا يا سماره

على جو الشارع والحاره

تحلو زيادة وتملا البيت

يا بلح ابريم يا سماره

1 comment:

Borsa said...
This comment has been removed by a blog administrator.