Saturday, February 20, 2010

أفاتار...والإبهار التكنولوجى


لأول مرّة فى تاريخ السينما تحدث هذه النقلة النوعية الهائلة بإستخدام تقنية الأبعاد الثلاثة 3d فى إخراج فيلم خيال علمى ضخم ومعقد بهذا المستوى هو فيلم AVATAR المبنى على قصة اسطورية من تاليف المخرج " جيمس كاميرون " الذى امتعنا وأبهرنا معا بفكرة جميلة وجريئة واخراج يخرج على جميع ما أبدعته السينما الأمريكية حتى الآن.
بداية فأنا لست ناقدا سينيمائيا، ولست ممن يحفظون أسماء صناع السينما العالمية من ممثلين ومخرجين ولكننى أحاول قراءة الفيلم بالدرجة الأولى من الناحية السياسية من خلال القصة التى تعتمد على رفض الظاهرة الإستعمارية لأمريكا والإنحياز للشعوب المضطهدة.
القصة بإختصار تدور فى أحد الكواكب البعيدة والذى يسمى "باندورا" (وتعنى فى الأدب الإغريقى "المرأة الأولى..حواء") والشبيه بكوكب الأرض، حيث تحاول قوة أمريكا السيطرة عليها لوجود نوع من المعادن المنتجة للطاقة، من خلال ارسال قوة عسكرية على مركبة فضاء الى هذا الكوكب، وإختراق سكانه الأصليين "النافى" بواسطة عناصر من هذه القوة يتم تأهيلها ذهنيا من خلال دمج جينات ومورثات ليتشكل عنصر جديد يسمى " أفاتار" (وهذه الكلمة منقولة عن مصطلح فى الديانة الهندوسية تعنى الحلول الإلهى فى جسم إنسان أو حيوان)، وذلك لخلق جسم موازى له على الكوكب يشبه "النافى" الذين يتميزون بالطول الفارع واللون الأزرق والأنف المفلطح والعيون الواسعة الزجاجية والذيل الطويل، وتنجح عالمة البعثة " جريس أوجاستين" فى تحويل جندى أمريكى مقعد يسمى "جاك سالى" فى التحول الى أفاتار وذلك بهدف الولوج الى عالم "النافى" المسالم والتجسس عليهم تمهيدا لغزوهم، حيث يضل طريقه فى الغابة وتنقذه من الموت بطلة الفيلم وتسمى "نايتيرى" التى تعتقد أنه جاء لمساعدتهم، وتقرر القبيلة الإبقاء على حياته وتكليف الفتاة بتعليمه تقاليد القبيلة ولغتها حيث يتقنها سريعا ويتعلم ركوب طائر الرخ الأسطورى المفترس، والوقوع فى حبها.
بمعايشة جاك للقبيلة ودراسة تقاليدها المسالمه والمحبه للبيئة الى أقصى الحدود يحدث له تغير فكرى وتعاطف معهم، وأثناء ذلك يكتشف وجود العنصر المنتج للطاقة تحت الشجرة الضخمة التى تعيش عليها القبيلة، ويحاول الجندى اقناع القبيلة بالرحيل عن هذه الأرض حيث لا قبل لهم بمقاومة الغزاة لكنهم يرفضون ويقررون التمسك بأرضهم.
نتذكر هنا بوضوح سلسلة الحروب الأمريكية فى المنطقة والرغبة فى الإستيلاء على مصادر الطاقة وإستخدام القوة المفرطة فى مواجهة الشعوب الضعيفة بإستخدام مبررات واهية، أذكر هنا قول أحد الجنود فى الفيلم ( عندما تحتاج شيئا وتجده عند غيرك، تجعله عدوك لكى تتمكن من الحصول عليه بالقوة)، وأيضا قول القائد العسكرى للحملة ( سنواجه الإرهاب بالإرهاب ).
فى النهاية يتم الهجوم الكاسح ويتصدى لهم جميع افراد القبيلة و على رأسهم الجندى جاك سالى والعالمة جريس، ويشارك فى صد الهجوم جميع الحيوانات الصديقة والعدوة ليتم لهم الإنتصار فى النهاية وهزيمة المعتدين.
الدرس المستفاد من ذلك هو أن القوة وحدها لا تستطيع كسر إرادة الشعوب، وأن النصر فى النهاية هو للمقاومة، درس مستفاد منذ حرب فيتنام، وأن الموقف الصحيح دائما هو رفض الحلول الوسط والتمسك بالحقوق كاملة.
على أنه رغم هذه الصورة الوردية الاّ أن هناك جوانب أخرى للصورة لايمكن إغفالها، فالإيهام أن الحل يأتى دائما من داخل المنظومة الغربية، بالإنشقاق من داخلها، ومن خلال قيادة الأمريكى المتحول فى الفيلم، وإظهار الأمريكى دائما بصورة المتفوق والبطل مما يعد هنا استمرارا لأفلام روكى ورامبو بصورة مغايرة.
ويمكن أيضا فهم الإيرادات الضخمة التى حققها الفيلم جزئيا من خلال سابقة المخرج فى إخراج أعلى الأفلام إيرادا فى تاريخ السينما" تيتانيك"، وفى حجم الدعاية الضخم الذى تكلف وحده ما يقرب من 150 مليون دولار، وأيضا فى الفضول الذى يدفع الكثيرين الى محاولة مشاهدة هذه التقنية الجديدة.
وإذا تخلصنا من صدمة الدهشة الأولى فسنجد اننا أمام فيلم خيال علمى واثارة ومغامرات مبنى على قصة عادية ومكررة، تم ادخال عناصر ابهار معقدة اليها بأدوات وأجهزة غاية فى التطور حتى أننا يمكن أن نقول بغير تزيّد أن الكمبيوتر هو البطل الحقيقى فى هذا الفيلم، حيث ان السينما الثلاثية الأبعاد تشعرك بالوجود داخل الحدث والتفاعل معه وهو أقرب لروح الأطفال والشباب الصغير مما يجعلهم الجمهور الأساسى للفيلم.
كما أنه من المبكر الحديث ان طريقة التصوير هذه ستكون الأساس لسينما المستقبل، حيث انها أنسب لأفلام الخيال والأساطير أو العالم الخرافى، وأيضا لصعوبة التكيف مع النظارة التى تستخدم لمشاهدة هذه التقنية حيث اننى لم اكن مستريحا لإستعمالها طوال الفيلم.

1 comment:

koora said...

مشكوووووووووووووووووووووور